الأحد، 5 نوفمبر 2017

"الإيموبيليا" : عمارة الزمن الجميل !




على ناصية شارعي شريف وقصر النيل بوسط مدينة القاهرة تنتصب عمارة "الإيموبيليا" بتاريخها العريق الذي جعل البعض يشبهها بالأهرامات، وقد كانت يوماً أعلى عمارة في مصر في زمنٍ كانت فيه منطقة وسط القاهرة من أرقى الأحياء ولا يدخُل شوارعها إلا أبناء الطبقات الراقية من خواجات وأجانب وباشوات بالإضافة لمشاهير الفن و والفكر والرياضة والسياسة.

بنيت عمارة "الإيموبيليا" عام 1940 من قبل أحمد عبود باشا أحد أغنى أغنياء مصر، فقد كانت تُقدّر ثروته بأكثر من 10 ملايين جنيه، حيث كان يملك العديد من شركات السكر والورق والأسمدة بالإضافة إلى نصف أسهم البنك الأهلي المصري، وقد احتوت العمارة على 350 شقة، و 27 أسانسير صنفت لثلاثة أنواع، الأول "بريمو" للسكان، والثاني "سيكوندو" للخدم، والثالث مخصص للأثاث، وكان بها نظام للتدفئة المركزية الذي كان يمد جميع الشقق بالماء الساخن، بالإضافة إلي نظام مركزي لحرق القمامة، حيث كانت نفايات الشقق توضع في مواسير ضخمة وتصل لبدروم العمارة ليتم حرقها، وكان يتم تنظيفها بصورة دورية حيث تأتي عربات المطافئ لتغسلها مرتين في الشهر.



وقد سكن "الإيموبيليا" بعض أشهر الفنانين في مصر أمثال : نجيب الريحاني، محمد فوزي، ليلي مراد، محمود المليجي، محمد عبد الوهاب، ماجدة، عزيزة أمير، واسمهان، كما كان يتردّد عليها من حين لآخر الملك فاروق، آخر ملوك أسرة محمد علي، ليُقابل الممثلة الشابة كاميليا التي ربطته بها علاقة غرامية، حيث يروى أن الملك كان يأتي إلى العمارة بحجة زيارة أحد رجال السرايا اللواء أحمد باشا كامل الذي كان يقطن في الطابق الثامن، فكان يقضي بعض الوقت عنده بالفعل، ثم ينتقل إلى الطابق التاسع حيث شقة كاميليا، حين كان يقضي عندها بقية السهرة حتى الصباح.

كما قطن العمارة بعض أهم أثرياء اليهود في مصر، في مقدمتهم الخواجة ريمون شملا، صاحب محلات "شملا"، وسلفادور شيكوريل، صاحب متاجر "شيكوريل" الشهيرة، والخواجة مواليس موصيري، صاحب بنك "موصيري" بشارع جواد حسني، و تاجر المجوهرات الشهير الخواجة ريمون موصيري، كما ضمّت "الإيموبيليا" مكاتب لبعض شركات البترول الإنكليزية والأمريكية الكُبرى، وتأسس بها مكتب لوكالة "رويترز" الإخبارية، كما كانت بها شقتان بالطابق الأول لنقابة الصحفيين.

شهدت العمارة تصوير العديد من الأعمال السينمائية المعروفة مثل "حياة أو موت" لعماد حمدي ومديحة يسري، و "قصة ممنوعة" لمحمود المليجي وماجدة، كما كان لعمارة "الإيموبيليا" دور في خروج فيلم "غزل البنات" إلي النور، حيث جمع أسانسير العمارة بالصدفة نجيب الريحاني وليلى مراد، فانتهز الريحاني الفرصة ليعرض علي ليلى مراد فكرة عمل سينمائي يجمعهما سوياً، فتحمست ليلى مراد للفكرة وقامت بطرحها فوراً على زوجها الفنان أنور وجدي الذي تحمس لها كثيراً، وهكذا ولد فيلم "غزل البنات" الذي يعتبر اليوم واحداً من روائع السينما المصرية، ومن طرائف أسانسير"الإيموبيليا" أيضاً أنه أوحي للمخرج الكبير صلاح أبوسيف بفكرة فيلم "بين السماء والأرض" لأنه كان يتعطل كثيرًا.



شاهد أيضاً:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق