‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحرب الأهلية اللبنانية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحرب الأهلية اللبنانية. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

المرأة التي ألهمت نزار أجمل قصائده


"بلقيسُ كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ .. بلقيسُ كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ .. كانتْ إذا تمشي ترافقُها طواويسٌ .. وتتبعُها أيائِلْ .. بلقيسُ يا وَجَعِي ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ هل يا تُرى .. من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟" بهذه الكلمات نعى الشاعر الكبير نزار قباني زوجته و حبيبته بلقيس التي توفيت عام 1981 اثر تفجير تعرض له مكان عملها في السفارة العراقية ببيروت في وقت كان لبنان فيه ينزف من حرب أهلية طويلة و قاسية و كانت المنطقة تشهد في الوقت عينه استعار لهيب الحرب العراقية الإيرانية التي انتقلت رحاها إلى الأرض اللبنانية مع موجة تفجيرات و هجمات متبادلة شنها مؤيدو كل من العراق و إيران ضد مصالح البلد الآخر. 

في سجل حياة نزار الحافل بقصص العشق و الغرام حالتا زواج ، الأولى عام 1946 حين كان نزار يعمل دبلوماسياً في السفارة السورية بالقاهرة حيث اقترن بقريبته زهراء آقبيق ابنة القاضي وعضو مجلس النواب محمد أقبيق الذي عمل رئيساً لمحكمة الجنايات بدمشق في الأربعينيات، و كانت زيجة تقليدية حيث أنجب منها ابنته هدباء (1947)  و ابنه توفيق (1950)، قبل أن يفترق عنها و ينتهي زواجهما بالطلاق عام 1952.

أما زيجة نزار الثانية فقد جاءت بعد قصة حب عاصفة ، حيث أغرم الشاعر الكبير بيلقيس الراوي الحسناء العراقية التي كانت تصغره بستة عشر عاماً، أول لقاء بين نزار و بلقيس حصل حين كانت تتابع إحدى أمسيات نزار الشعرية في العاصمة العراقية بغداد ، وقتذاك تقدم نزار لخطبتها لكن عائلة بلقيس المحافظة رفضت أن ترتبط ابنتهم بشاعر مشهور بغرامياته و قصائده الجريئة و المثيرة للجدل ، و لم تتكلل مساعي نزار المتواصلة بالنجاح إلا بعد سنوات حين علم الرئيس العراقي أحمد حسن البكر بالأمر و قرر التدخل شخصياً عام 1969 ليزكي العريس عند أسرة محبوبته، فأرسل البكر كلاً من وزير خارجيته و وزير الشباب لخطبتها من أهلها ، فتم الزواج و اقترن نزار ببلقيس التي قدر لها أن تكون حب حياته و مأساته الكبرى في آن معاً ، فقد عاش نزار مع زوجته الجميلة أحلى أيام عمره، و كان رحيلها خلال الحرب الأهلية اللبنانية ضربة مؤلمة قسمت ظهر نزار و أصابته في الصميم خاصة أنها جاءت بعد مأساة أخرى عاشها الشاعر ألا و هي رحيل ابنه الشاب توفيق بمرض القلب و هو بعد ابن 17 عاماً.

فقدان بلقيس المفجع جعل نزار يبدع واحدة من أجمل قصائده و أكثرها حزناً و ألماً و هي القصيدة التي حملت اسم "بلقيس" ، خاصة أن نزار كان يشعر شخصياً بالذنب عن رحيل محبوبته كونه مسؤولاً عن انتقالها للعيش في بيروت ، المدينة التي اختارها مكاناً لاقامته و مقراً لدار النشر التي تحمله اسمه و رفض مغادرتها رغم كل ما شهدته من حرب و دمار : 

أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ ذاتَ يومٍ 
 من ضفاف الأعظميَّةْ
 بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا 
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
 والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا .. 
وفي مفتاح شِقَّتِنَا .. وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا
وفي وَرَقِ الجرائدِ
والحروفِ الأبجديَّة
ها نحنُ .. يا بلقيسُ 
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ 
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ 






شاهد أيضاً :