‏إظهار الرسائل ذات التسميات جمال عبد الناصر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات جمال عبد الناصر. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 7 أبريل 2020

تفاصيل (6) : ناصر في دمشق


تتيح لنا التقنيات الحديثة إعادة اكتشاف الصور القديمة وذلك من خلال الحصول على نسخ عالية الدقة لتلك الصور عن طريق النيجاتيف الأصلي لها، وبذلك يمكن للمشاهد الفضولي والشغوف أن يركز على التفاصيل الصغيرة في الصورة كوجوه الناس وتعابيرهم وكذلك الأشياء والتفاصيل الأخرى التي قد تبدو بسيطة ولكن من الممكن لها أن تكون عظيمة الدلالة في كثير من الأحيان. 

في هذه المحطة الجديدة من سلسلة "تفاصيل" اخترنا مجموعة من المشاهد التي التقطتها عدسة مصور مجلة "لايف" السويدي جيمس ويتمور (1926 - 1966) خلال زيارة الرئيس جمال عبد الناصر إلى دمشق إثر إعلان قيام الوحدة بين سورية ومصر عام 1958 والتي تبدو فيها جماهير دمشق وهي تستقبل عبد الناصر بحماسة منقطعة النظير، مشاهد تختزل لحظة تاريخية كان فيها الحماس على أشده وكانت الآمال في الوحدة والتحرر والتقدم في سورية كما في كل أرجاء العالم العربي تطاول عنان السماء. 


 حملت الجماهير نعشاً يرمز للاستعمار وقد حمل عبارة "إلى جهنم" بالإضافة لأسماء البلدان الاستعمارية أميركا وفرنسا وبريطانيا، كما يبدو أيضاً رسم غير متقن لعبد الناصر مع عبارة "نظرة الرئيس تصعق الاستعمار" في حين ارتدى بعض من جاؤوا إلى "الجنازة" الرمزية "الطراطير" التي تلبس عادة في الاحتفالات وأعياد الميلاد، وفي الخلفية تبدو عربات الترامواي وتحديداً خط المهاجرين والتي حملت الجمهور إلى قصر الضيافة. 

 على الجهة الأخرى للنعش الرمزي وقد كتب اسم حلف بغداد والولايات المتحدة الأمريكية 

 الرئيس عبد الناصر على شرفة قصر الضيافة وعن يساره كل من صبري العسلي ومأمون الكزبري، وعن يمينه أكرم الحوراني، في حين يبدو في أقصى يسار الصورة كل من اللواء عفيف البزري والمشير عبد الحكيم عامر.

 الجماهير المبتهجة ترفع علامة النصر

 والقبضات المرفوعة تحية لبطل العروبة 

 التصفيق والحماس على أشده

 والحماس لم يستثن حتى هذا الجندي

 مسيرة نسائية تحمل لافتات تحيي عبد الناصر والقوتلي وتتوعد الاستعمار وأذنابه

 جانب آخر من المسيرة النسائية تبدو فيها الخوذ الكاكية والبيريهات الحمراء للجنود وحرس الرئاسة 

قطاع الميدان : باتحادنا قضينا على المؤامرات والأحلاف 



Source : LIFE photo archive hosted by Google

شاهد أيضاً :

الأربعاء، 21 يونيو 2017

زعماء عرب ماتوا في ظروف غامضة !



الملك غازي :


الملك غازي هو ثاني ملوك الأسرة الهاشمية في العراق بعد والده فيصل الأول، و يعتبر واحداً من الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ العراق الحديث، اعتلى عرش العراق عام 1933 و هو شاب في الواحد و العشرين من عمره، كان ذا ميول قومية عربية، كارهاً للإحتلال البريطاني، كما كان معجباً بالزعيم النازي أدولف هتلر، و قد جمع حوله عدداً من السياسيين و العسكريين المتحمسين للأفكار القومية أمثال بكر صدقي و رشيد عالي الكيلاني، ما أثار حفيظة البريطانيين و حاشية القصر الملكي و بخاصة نوري السعيد و الأمير عبد الإله.

في عام 1939 قتل الملك الغازي في حادث سيارة و هو في السابعة و العشرين من العمر، و قد اعتقد كثير من العراقيين حينها أن الحادث مؤامرة مدبرة حاكها البريطانيون و رجالهم من أعوان القصر، و رغم مرور سنوات طويلة على هذه الحادثة، ما تزال ملابسات مقتل الملك غازي مثار شك و تساؤلات حتى يومنا.



عبد السلام عارف : 


أصبح عبد السلام عارف رئيساً للعراق أواخر عام 1963 بعد أن قام بانقلاب عسكري أطاح فيه بسلطة كتائب الحرس القومي التابعة لحزب البعث و التي كانت قد نشرت الرعب و الفوضى في العراق بعد انقلاب 8 شباط فبراير 1963 الدموي ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، و كان عارف قومياً و إسلامياً، حيث عرف بتحالفه الوثيق مع الرئيس جمال عبد الناصر و تيار القومية العربية، و عرف أيضاً بتعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين حيث كان معجباً بمنظر الجماعة سيد قطب، و قد توسط لدى الرئيس عبد الناصر لإطلاق سراحه عام 1964.

يوم 13 نيسان أبريل 1966 قتل عبد السلام عارف في حادث تحطم طائرة هليكوبتر سوفييتية الصنع كان يستقلها مع عدد من وزراءه و مرافقيه في زيارة تفقدية إلى محافظات جنوب العراق، و قد أعلنت اللجنة العسكرية التي كلفت التحقيق بالحادث أن سبب سقوط الطائرة هو خلل فني، لكن السوفييت أرسلوا لجنة فنية تفحصت حطام الطائرة و توصلت إلى نتيجة بأن الطائرة كانت سليمة، وبقيت التكهنات هل هي مؤامرة، أم سوء ملاحة جوية، أم ارتطام الطائرة ببعض أشجار النخيل، في حين توجهت أصابع الإتهام بتدبير الحادث إلى الجهات التي اعتبرت مستفيدة من اختفاء عارف عن الساحة، و من بين المتهمين المخابرات المركزية الأمريكية و نظام الشاه في إيران، و أيضاً بعض الجهات الداخلية المعارضة لحكم عارف كالشيوعيين و البعثيين، و إن ظلت كل هذه الإتهامات مجرد تكهنات لم يتم  تأكيد  أي منها. 



جمال عبد الناصر : 


كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر طوال فترة رئاسته مستهدفاً من قبل جهات عديدة داخلية  وخارجية، عربية و إقليمية و دولية، أرادت إزاحته من الصورة بعد أن تحول إلى عائق لكثير من المخططات التي كان تحاك للمنطقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و حلفائهما الإقليميين. 

لذلك كان من الطبيعي أن لا يصدق كثير من العرب أن يكون موت الرئيس عبد الناصر المفاجئ يوم 28 أيلول سبتمبر 1970 موتاً طبيعياً، و ذلك لعدة أسباب، منها  أولاً كما ذكرنا أن الرئيس عبد الناصر كان مستهدفاً من جهات عدة، و ثانياً أن الرئيس كان قد ظهر علنأً قبل ساعات قليلة من وفاته في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في القاهرة لمناقشة أحداث أيلول الأسود، و ثالثاً أن الرئيس حين وفاته كان ما يزال في الثانية و الخمسين من عمره و هي بنظر كثيرين سن مبكرة للوفاة.

لذلك ظهرت احتمالية موت الرئيس عبد الناصر بالسم، و قد لمح الكاتب محمد حسنين هيكل في إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني "تجربة حياة" الذي كان يبث على قناة "الجزيرة"، إلى إمكانية أن يكون نائب الرئيس عبد الناصر محمد أنور السادات قد دس له السم في فنجان القهوة، حيث قال انه قبل ثلاثة أيام من وقوع الوفاة كان هناك حوار بين عبد الناصر و رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات فى جناح الرئيس  بفندق النيل هيلتون، و قد احتدم الحوار بينهما وتسبب فى ضيق لعبد الناصر، فلاحظ السادات انفعال عبدالناصر و قال له : "يا ريس إنت محتاج فنجان قهوة و أنا ح اعملهولك بإيدي"، وبالفعل دخل السادات المطبخ المرفق بالجناح و حضر فنجان القهوة بنفسه بعد أن أخرج من المطبخ محمد داود وهو رجل "نوبى" كان مسؤولاً عن تحضير الشاي و القهوة للرئيس عبد الناصر.



إبراهيم  الحمدي :


في عام 1974 وصل إبراهيم الحمدي إلى رئاسة الجمهورية اليمنية بعد انقلاب أبيض، و قد عمل على تقوية الجيش و الدولة على حساب نفوذ الزعماء القبليين الموالين للسعودية، كما تقارب مع النظام الإشتراكي في اليمن الجنوبي و قرر بدء مباحثات هدفها الوصول لاتفاق وحدة بين شطري اليمن، و قبل زيارته إلى اليمن الجنوبي بيومين اغتيل الرئيس إبراهيم الحمدي في 11 تشرين الأول أكتوبر 1977 مع شقيقه الذي كان يشغل منصب قائد لواء المغاوير، و ما تزال ملابسات اغتياله غامضة حتى اليوم حيث لم يجر أي تحقيق رسمي في الحادثة، و يُعتقد بشكل واسع أن السعودية هي من دبرت عملية الاغتيال. 


هواري بومدين : 


هواري بومدين هو الرئيس الثاني للجزائر بعد الإستقلال، أصبح رئيساً عام 1965 بعد أن قاد انقلاباً عسكرياً على الرئيس أحمد بن بلة، و قد شهدت الجزائر في عهده تطوراً كبيراً زراعياً و صناعياً و اقتصادياً، كما دعمت الجزائر في عهده منظمة التحرير الفلسطينية و ساندت مصر و سوريا في حربهما ضد إسرائيل عام 1973. 
في عام 1978 توفي الرئيس بومدين بعد أن أصيب بمرض غريب استعصى على الأطباء الذي لم يتمكنوا من تشخيصه، و يعتقد كثيرون بأن الرئيس بومدين قد تم تسميمه باستخدام عنصر "الليثيوم"، كما أشار كثيرون لتشابه الحالة التي اصابته مع حالة الرئيس ياسر عرفات في أواخر أيامه. 



ياسر عرفات : 


كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مستهدفاً باستمرار من قبل إسرائيل و حلفائها، و كذلك من قبل بعض الأنظمة العربية، و ذلك منذ أن كان رئيساً لحركة فتح في أواخر الستينات، لذلك لم يكن غريباً أن يعتقد كثيرون بأن وفاته في مستشفى في العاصمة الفرنسية باريس عام 2004 لم تكن وفاة طبيعية، و قد رجح طبيب ياسر عرفات الخاص أن يكون قد تم تسميمه من خلال إدخال عنصر غريب إلى جسمه أدى إلى إصابته بالمرض الذي فتك به سريعاً في أواخر أيامه. 


شاهد أيضاً :

السبت، 17 يونيو 2017

صراعات "داحس و الغبراء" العربية العربية : دماء و دموع و طاقات مهدورة




عرف القرن العشرون تأسيس الدولة العربية الحديثة بعد نيل الإستقلال عن الاحتلال العثماني و الإستعمار الأوروبي، و رغم أن ما يجمع العرب أكثر بكثير مما يفرقهم، إلا أن اختلاف الأنظمة الحاكمة في الدول العربية قاد إلى خلافات عربية عربية وصلت في بعض الأحيان إلى حد الاقتتال المباشر بين أبناء الأمة الواحدة، و ما الخلاف الأخير بين قطر من جهة و السعودية و البحرين و الإمارات و مصر من جهة ثانية إلا حلقة جديدة من مسلسل الصراعات هذا الذي نورد لكم هنا أبرز فصوله : 

الصراع السعودي الهاشمي : 

مع سقوط الدولة العثمانية رفع الهاشميون حكام الحجاز راية الثورة العربية داعين إلى إقامة دولة عربية واحدة تضم بلاد الشام و الجزيرة العربية تحت حكمهم و رعاية حليفتهم بريطانيا، إلا أن الهاشميين اكتفوا بعد اصطدامهم بواقع اتفاقية سايكس بيكو و وعد بلفور بمملكة الحجاز تحت حكم الشريف حسين، و مملكة العراق تحت حكم ابنه فيصل،و إمارة شرق الأردن تحت حكم ابنه الآخر عبد الله، و في الجزيرة العربية كان على الهاشميين مواجهة الطموحات المتعاظمة لعبد العزيز بن سعود حاكم نجد، الذي اجتاح جيشه المدجج بالعقيدة الوهابية مملكة الحجاز الوليدة فاستولى على مكة و المدينة و وصل حتى ميناء جدة، و كاد أن يتمدد شمالاً ليهدد ملك الهاشميين في العراق و شرق الأردن لولا أن الطائرات البريطانية تدخلت لردعه، هذا الصراع بين العائلتين سوف يمتد تأثيره لعقود لاحقة حيث يروى عن الملك حسين حاكم الأردن أنه كان كثيراً ما يحدث زائريه بحزن و هو يشير إلى موقع الأردن على الخريطة قائلاً "هنا ملك بلا مملكة"، ثم يشير إلى موقع السعودية و يقول "و هنا مملكة بلا ملك"، متحسراً على ملك أجداده الهاشميين الذي كان يعتبر بان السعوديين قد قاموا باغتصابه عنوة. 

عبد الناصر و خصومه : 

شكل وصول جمال عبد الناصر إلى السلطة في مصر حاملاً معه مشروع التحرر الوطني و حلم القومية العربية، تحدياً كبيراً لا لإسرائيل و قوى الإستعمار الغربي فحسب، إنما لأدواتهم من الأنظمة الرجعية العربية أيضاً، و أولى معارك عبد الناصر الكبرى كانت مع نظام الهاشميين في العراق و حكومة نوري السعيد التي رعت تأسيس حلف بغداد المعادي للشيوعية و لمشروع القومية العربية، و قد انتهى هذا الصراع بسقوط النظام الهاشمي بانقلاب عسكري باركته القاهرة عام 1958. 

صراع آخر خاضه عبد الناصر ضد نظام كميل شمعون في لبنان، حين دعم الثورة المسلحة ضده و التي كادت أن تطيح به لولا تدخل المارينز الأمريكي الذي أنزل قواته على شواطئ بيروت عام 1958، ما أفضى إلى اتفاق أدى لانتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية.

واحدة من أبرز معارك عبد الناصر العربية و أكثرها دموية تمثلت بصراعه مع حاكم العراق عبد الكريم قاسم الذي تحالف مع الحزب الشيوعي و رفض انضمام العراق إثر ثورة 1958 إلى الجمهورية العربية المتحدة، في حين دعم نظام عبد الناصر خصومه من قوميين و بعثيين، و قد انتهى هذا الصراع بانقلاب 8 شباط فبراير 1963 الدموي الذي باركته القاهرة و أدى لمقتل عبد الكريم قاسم و اجتثاث وحشي للشيوعيين العراقيين.

أما أهم صراعات عبد الناصر العربية و أكثر تأثيراً فقد كان صراعه مع العربية السعودية، و الذي وصل إلى حد الحرب المباشرة فيما بينهما في اليمن التي دعمت مصر فيها الجمهوريين بقوات مصرية، في حين دعمت فيها السعودية الإمام المعزول، و يعتقد بعض المؤرخين و من بينهم محمد حسنين هيكل أن ملك السعودية فيصل بن عبد العزيز كان واحداً ممن عرفوا بموعد عدوان 5 حزيران يونيو 1967 قبل وقوعه عن طريق الجانب الإسرائيلي الذي كانت تربطه بالسعودية اتصالات سرية وثيقة، و قد بارك الملك هذا العدوان الذي كان برأيه ضربة لا بد منها لكسر شوكة النظام الناصري و حلفائه السوفييت الذين يمثلون -حسب رأيه- الخطر الأكبر على مملكته و على الإسلام.

الصراع على الصحراء الغربية :

خصومة طويلة و صراع مرير خاضته المغرب و الجزائر على قضية الصحراء الغربية و التي بدأت بعد جلاء الإسبان عن المنطقة عام 1976، حيث أراد المغرب ضم الصحراء إليه في حين دعمت الجزائر جبهة البوليساريو التي نادت باستقلال الصحراء الغربية.


الحرب المصرية الليبية : 

مثل الزعيم الليبي معمر القذافي منذ قيام ثورة الفاتح من أيلول سبتمبر 1969 أحد أهم حلفاء مصر الإقليميين، حيث قامت ليبيا بإغلاق القواعد الأمريكية على أراضيها و التي يعتقد البعض بأنها لعب دوراً هاماً في إلحاق الهزيمة بمصر عام 1967، كما ساهمت ليبيا بسخاء في دعم المجهود الحربي المصري عن طريق تمويل العديد من صفقات الأسلحة للجيش المصري و بخاصة الطائرات الحربية، كما شكل البلدان مع سوريا اتحاد الجمهوريات العربية الذي تم إعلان قيامه عام 1971، إلا أن مبادرة السادات المنفردة للسلام مع كيان الإحتلال أثارت حفيظة العقيد القذافي الذي دعا الليبيين إلى مسيرة كبرى أسماها "مسيرة نحو القاهرة" هدفها تجاوز الحدود بين مصر و ليبيا و تشجيع الشعب المصري على الإنضمام إلى المسيرة لإسقاط نظام السادات، و حين أوقف حرس الحدود المصري المسيرة رد الليبيون بإطلاق نيران مدافعهم على الجانب المصري، فردت مصر بقصف مواقع عسكرية ليبية بالطائرات، و بعد أيام قليلة من المناوشات المتبادلة على طرفي الحدود، تدخلت الجزائر و منظمة التحرير الفلسطينية لإنهاء الحرب و المصالحة ما بين البلدين. 


صراع البعثين : 

في عام 1963 وصل حزب البعث العربي الإشتراكي إلى السلطة في سوريا من خلال انقلاب عسكري أطلق عليه إسم ثورة الثامن من آذار مارس، في حين وصل البعثيون إلى السلطة في العراق عام 1968 بعد انقلاب أسموه ثورة 17-30 تموز يوليو، و قد أدى صراع الأجنحة داخل حزب البعث لانقسام حاد بين بعث العراق و بعث سوريا بلغ ذورته إثر وصول صدام حسين لرأس السلطة في العراق عام 1979 حيث اشتعلت حرب السيارات المفخخة و العمليات الإرهابية بين البلدين، فدعم العراق جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تخوض حرباً مفتوحة مع نظام الرئيس حافظ الأسد، في حين دعمت دمشق حزب الدعوة الشيعي المعارض و الذي كان يسعى لإسقاط نظام صدام حسين بالقوة، الحرب العبثية بين جناحي البعث استمرت لسنوات طويلة و كانت نتيجتها استنزاف الكثير من طاقات البلدين و إزهاق أرواح الآلاف ممن سقطوا نتيجة التفجيرات و الاغتيالات المتبادلة أو نتيجة التعذيب في غياهب السجون حيث كان يلقى كل من يشك بتعاطفه مع الجناح المعارض من الحزب.

غزو الكويت : 

ربما كان غزو العراق للكويت عام 1990 نتيجة خلاف حدودي و مالي بين البلدين أسوأ فصل في تاريخ العلاقات العربية العربية حيث مثل تصدعاً خطيراً في النظام الرسمي العربي الذي فشل في حل الأزمة داخل البيت العربي فاستعانت الكويت و السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية لطرد الجيش العراقي من الكويت و تدمير العراق و قتل مئات الآلاف من أهله، في حين طالت آثار تلك الحرب المدمرة كافة الشعوب العربية و بخاصة الشعب الفلسطيني.

شاهد أيضاً :

الجمعة، 26 مايو 2017

بحكم المحكمة : هل حقاً أراد العرب رمي اليهود في البحر ؟



الوزير العمالي كريستوفر ميهيو صديق الرئيس عبد الناصر الذي فضح أكاذيب الدعاية الصهيونية 

حتى يومنا هذا ما تزال عبارة أن العرب أرادوا رمي اليهود في البحر تتردد، لا على ألسنة الفلسطينيين أو العرب، بل على ألسنة أبواق الدعاية الصهيونية التي يحلو لها باستمرار أن تصور اليهود و كيانهم الغاصب بمظهر الضحية البريئة التي يتربص بها الأعداء الحاقدون الكارهون من كل حدب و صوب، فما أصل هذه العبارة ؟ و ما مدى صحتها ؟ و هل دعا العرب حقاً لإبادة اليهود من خلال إغراقهم في البحر ؟

لمعرفة هذا سوف نعود إلى ستينات القرن الماضي، حينها ازداد تركيز الدعاية الصهيونية في الغرب على هذه المقولة، ما دفع بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليطلب من مساعديه البحث في وثائق الدولة و أرشيف تصريحات الزعماء العرب و جميع المصادر المتاحة عن أصل هذه العبارة، و بعد بحث مضن شاركت فيه وزارة الخارجية و أجهزة الأمن في الجمهورية العربية المتحدة، لم يتم العثور على أي أصل لهذه العبارة، فتأكد الرئيس عبد الناصر من أن القصة ليست سوى تلفيق صهيوني يراد به تشويه صورة العرب باعتبارهم يريدون أن يقيموا لليهود هولوكوستاً آخر، فإذا كان هتلر قد أحرق اليهود في افران الغاز، فإن العرب يريدون إغراقهم في البحر !

و بناء على ذلك قام الرئيس عبد الناصر بإبلاغ أصدقاء مصر في العالم العربي و الخارج بهذه الحقيقة، و كان من هؤلاء الوزير العمالي الأسبق في الحكومة البريطانية كريستوفر ميهيو. 

و بعد رحيل الرئيس عبد الناصر عام 1970 عادت الأبواق الصهيونية لاستخدام اللازمة نفسها، مع إلصاقها هذه المرة بالرئيس عبد الناصر نفسه، ما استفز ميهيو الذي قرر أن يفضح الأكذوبة الصهيونية، فنشر عام 1973 في الصحف البريطانية إعلاناً قال فيه بأنه سيقدم مكافأة قدرها خمسة آلاف جنيه استرليني لمن يستطيع أن يثبت أن الرئيس عبد الناصر دعا لرمي اليهود في البحر، و في عام 1974 كرر العرض نفسه لمن يستطيع أن يثبت أن أي أحد من الزعماء العرب دعا يوماً إلى رمي اليهود في البحر أو إبادتهم بأي طريقة. 

أثارت حملة ميهيو جدلاً و اسعاً و جندت القوى الصهيونية في بريطانيا كل طاقاتها من أجل احباط مسعاه، و بالفعل أعلنت صحيفة "جويش كرونيل" الصهيونية بأن أحد محرريها عثر على الوثيقة المنشودة و التي لم تكن سوى قصاصة من صحيفة تعود إلى عام 1948 و تحتوي على تصريح لأول أمين عام لجامعة الدول العربية المصري عبد الرحمن عزام باشا، يقول فيه أن على اليهود الذين جاؤوا فلسطين عن طريق البحر، أن يعودوا من حيث جاؤوا، على ذات السفن التي حملتهم، عبر البحر أيضاً !!

و كان رد ميهيو بأنه فضلاً عن أن عبد الرحمن عزام ليس واحداً من الزعماء العرب، فان العبارة التي قالها لا تحمل أي دعوة إلى رمي اليهود في البحر، و ازاء التعنت الصهيوني لجأ الفريقان إلى القضاء البريطاني للبت في القضية، و بالفعل نظر القضاء البريطاني في الملف، و بعد الاستماع لآراء ميهيو و المحرر الصهيوني أصدر القضاء قراره في شباط فبراير من عام 1976، و الذي جاء في صالح ميهيو، حيث ذكر قرار المحكمة صراحة بأن جمال عبد الناصر أو أي أحد من الزعماء العرب لم يدع يوماً إلى رمي اليهود في البحر.

و رغم أن براءة العرب من هذه التهمة قد اثبتت بحكم المحكمة البريطانية، فما زالت أبواق الدعاية الصهيونية تستخدم هذه العبارة بسبب و بغير سبب، عملاً بمبدأ وزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز القائل اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك.

شاهد أيضاً :

الخميس، 25 مايو 2017

الغناء للرؤساء و القادة : تأليه و نفاق أم محبة حقيقية ؟




لو نظرنا حولنا في معظم دول العالم سنجد أن كثيراً من الشعوب تتغنى بأسماء قادتها و أبطالها الوطنيين، لكن المعضلة في عالمنا العربي أن معظم الأغاني التي تتغنى بأسماء القادة و الزعماء تظهر في فترة يكونون فيها على رأس السلطة، ما يجعل من العسير التفريق فيما إذا كانت هذه الأغاني تندرج في باب النفاق و تأليه الحاكم، أو في باب المحبة الحقيقية. 

"أنتيكا" تستعرض لكم فيما يلي و بشكل مختصر أبرز الأمثلة على الأغاني التي مجدت القادة و الزعماء السياسيين على امتداد العالم العربي، علماً أن الحصر الشامل لهذا النوع من الأغاني أمر يتطلب مجلدات كاملة و بحثاً طويلاً في أرشيفات الإذاعات و التلفزيونات العربية، لكننا حاولنا في هذه العجالى حصر أهم الأمثلة و أكثرها شهرة و تأثيراً في ذاكرتنا. 

عهد الملك فاروق 

شهد عهد الملك فاروق في مصر بداية ظهور الأغاني التي تمجد الحاكم بالإسم، فغنت كوكب الشرق أم كلثوم مجموعة من القصائد في تمجيد فاروق أطلق عليها إسم "الفاروقيات"، من بينها قصيدة "الملك بين يديك" لأمير الشعراء أحمد شوقي، و "اجمعي يا مصر أزهار الأماني" من كلمات أحمد رامي. 

أما موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب فقد قدم أغنية "الشباب" من كلمات صالح جودت بمناسبة عيد جلوس الملك على العرش و التي يقول أحمد مقاطعها : "من كتر غيرتي عليك فى القلب خبيتك، و قلت لك يا فاروق القلب ده بيتك"، كما قدم من كلمات صالح جودت أيضاً أغنية "الفن" التي يقول فيها : "و الفن مين انصفه غير كلمة من مولاه، والفن مين شرفه غير الفاروق و رعاه".




عهد عبد الناصر 

في عهد ثورة يوليو ظهرت الأغاني التي تتغنى بالثورة و بالرئيس جمال عبد الناصر، خاصة مع بروز زعامة عبد الناصر العربية، حيث باتت هذه الأغاني نوعاً من الدعاية السياسية الموجهة لا للمصريين فحسب، إنما أيضاً للشعب العربي الذي اعتبر قسم كبير منه عبد الناصر رمزاً و بطلاً للعروبة.

من أبرز الفنانين الذين غنوا لعبد الناصر العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي اعتبر ابن ثورة 23 يوليو و الصوت الرسمي الناطق باسمها، فقدم عدداً كبيراً من الأغاني التي ورد فيها إسم عبد الناصر، من بينها : "يا جمال يا حبيب الملايين"، "ناصر يا حرية"، "صورة"، "يا أهلاً بالمعارك"، "بستان الاشتراكية"، و غيرها. 

أما موسيقار الأجيال الذي غنى للملك قبل الثورة، فقد غنى للثورة و الاشتراكية بعد 23 يوليو، فقدم : "ناصر كلنا بنحبك"، "دقت ساعة العمل الثوري"، "يا جمال النور و الحرية"، " كما قدم أوبريت "الجيل الصاعد" الذي شارك فيه عدد من أبرز الفنانين العرب آنذاك، و الذي يقول أحد مقاطعه و الذي غناه عبد الوهاب بنفسه : "ردينا عليك يا جمال وأيدينا فى أيديك يا جمال، وطلعنا معاك يا جمال نبني وياك يا جمال، حيوا معايا قولوا معايا عاش عبد الناصر عاش".

أما كوكب الشرق أم كلثوم فقد غنت : "الزعيم و الثورة"، "تحويل السد"، "ابقى فأنت الأمل"، "يا جمال يا مثال الوطنية"، و "الفجر الجديد"، التي يقول أحد مقاطعها : "وفتاكِ عبدُ الناصرِ بطلُ الكفاحِ الظافرِ، لم تعطِنا الدنيا سواه ولا نريد لها سواهْ، شدّتْ يداهُ لنا الصباحَ من الدّجى، سلمتْ يداهْ"، و كما تغنت كوكب الشرق بالزعيم في حياته فقد تغنت به بعد رحيله حين قدمت قصيدة "رسالة إلى جمال عبد الناصر" للشاعر السوري نزار قباني. 



عهد السادات و مبارك : 

عهد الرئيس السادات لم يشهد ظهور أي أغنية تمجد الرئيس، ربما باستثناء أغنية عبد الحليم حافظ "عاش اللي قال" و التي لم يذكر فيها السادات بالإسم، و إن كان واضحاً أنه هو المقصود بكلمات الأغنية.

عهد مبارك شهد هو أيضاً ظهور بعض الأغاني التي تغنت بالرئيس دون أن تذكره بالإسم، من أبرزها  أوبريت "اخترناه وبايعناه" و أوبريت "أول طلعة جوية فتحت باب الحرية" لمجموعة من الفنانين. 

سوريا : 

تعتبر فترة حكم الرئيس حافظ الأسد الأطول ما بين حكام سوريا في التاريخ المعاصر، حيث امتدت لنحو ثلاث عقود، صدرت خلالها مئات الأغاني و الأناشيد التي مجدت الرئيس و تغنت بعهده، من بين الفنانين السوريين الذين قدموا هذا النوع من الأغاني الفنان مصطفى نصري (زادك الله، وعد القائد، معك الشعب)  و ابنته أصالة نصري (لبيك يا وطن الأباة)، ميادة الحناوي (جبهة المجد ، سوريا يا حرية)، جورج وسوف (تسلم للشعب)، موفق بهجت (رعاك الله، ع جبينك البطولة، الشمس طلعت). 

و من الفنانين العرب غنى للرئيس الأسد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب (يجعلها عمار)، هاني شاكر (جنة المواعيد) ، سميرة سعيد (سوريا هي الغالية عليا، أبو الرجال)، نجوى كرم (بنرفع ايدينا)، علي حليحل (أبو باسل قائدنا، واجب علينا)، ديانا حداد (نعم إلى الأبد)، و كثيرون غيرهم. 

العراق :

في العراق حكم الرئيس صدام حسين البلاد لنحو ربع قرن من الزمن حفلت بالتمجيد المطلق لشخص الرئيس، حتى لم يبق فنان عراقي تقريباً لم يغني له، بدءاً من كاظم  الساهر (هله يالناذر عمره)، سعدون جابر (تهنّن يا خوات صدام، يا ساري بينا للمعالي)، حسين نعمة (نحبك والله نحبك، بين الشعب و بينك، العزيز انت، صدام أبو الخيالة)، بالإضافة إلى داود القيسي و فاضل عواد و المطربة رباب و صباح السهل و غيرهم الكثير. 



بقية البلدان العربية : 

في لبنان تنتشر بكثيرة الأناشيد الحزبية التي تتغنى بقادة الأحزاب و الطوائف و الحركات السياسية، و لعل الرئيس الحالي ميشيل عون هو من أكثر الزعماء اللبنانيين الذين توجد أغاني باسمهم (عونك جايي من الله، رح نبقى هون، طل القائد عون)، دون أن ننسى الأناشيد االمكرسة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله و لزعيم حركة أمل الرئيس نبيه بري و لمؤسس تيار المستقبل رفيق الحريري و مؤسس الحزب التقدمي الإشتراكي كمال جنبلاط و مؤسس القوات اللبنانية بشير الجميل.

و في السعودية عرف الغناء لملوك آل سعود طريقه مبكراً إلى شاشات التلفزة و أثير الإذاعة و لعل من أبرز من غنوا للعائلة السعودية فنان العرب محمد عبده و رابح صقر و طلال مداح و غيرهم الكثير من المطربين السعوديين. 

و في باقي أرجاء العالم العربي أيضاً لم يخلو بلد عربي تقريباً من الأغاني التي تمجد القادة و الحكام، حتى أن هذا النوع من الأغاني طغى في كثير من الأحيان على الأغاني الوطنية التي تتغنى بالوطن و الشهداء و الشعب. 



شاهد أيضاً : 

الأربعاء، 26 أبريل 2017

هل كان عبد الناصر شيوعياً ؟؟




في حياة عبد الناصر كما في مماته طاردته تهمة الشيوعية إلى القبر، فهل كان عبد الناصر بالفعل شيوعياً ؟ و ما أصل هذه التهمة التي لطالما استخدمها خصومه ضده؟ 

أولاً  و من الناحية الايديولوجية يستحيل أن يكون عبد الناصر شيوعياً، فعبد الناصر و كما هو معروف عنه كان زعيم القومية العربية، فكيف يستوي أن يكون المرء قومياً و شيوعياً في الوقت عينه مع العلم أن الشيوعية تنطوي في مبادئها الأساسية على الأممية التي هي نقيض القومية، فالشيوعيون يرون أن الأديان و القوميات و غيرها من الانتماءات تتضائل حتى تختفي أمام الصراع الأساسي بين الرأسمالية الدولية و البروليتاريا في كل أنحاء العالم، لذلك جاءت صيحة ماركس الشهيرة : "يا عمال العالم اتحدوا".

ثانياً و من الناحية التاريخية فقد كانت فترة حكم عبد الناصر من أقسى الفترات التاريخية على الشيوعيين في مصر و العالم العربي، فمن المعروف أن المعتقلين السياسيين في زمن عبد الناصر كانوا بمعظمهم من الإسلاميين و الشيوعيين، و كذلك ذاق شيوعيو سوريا الأمرين في عهد الوحدة بين سوريا و مصر فتعرضوا للاعتقال و التعذيب و كان الحادث الأشهر اعتقال و تصفية الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو الذي دخل سوريا آنذاك متخفياً فاعتقلته الأجهزة الأمنية و عذب حتى الموت ثم تم تذويب جثته بالأسيد و رميها في مجارير دمشق.

كما لا يمكن لمؤرخي تلك الفترة أن ينسوا صراع عبد الناصر الدامي مع شيوعيي العراق في عهد عبد الكريم قاسم، فقد كان قاسم وطنياً عراقياً لذلك كان من المعارضين لانضمام العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة، و لذلك تحالف قاسم مع الحزب الشيوعي الذي كان سيد الشارع في العراق آنذاك، في حين التقى البعثيون و الناصريون بزعامة عبد السلام عارف على ضرورة ضم العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة، و دار صراع دام بين الطرفين كانت أبرز فصوله انقلاب الشواف الفاشل في الموصل و المدعوم من الجمهورية العربية المتحدة، و كذلك محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم الفاشلة التي فر منفذوها إلى مصر و كان من بينهم الشاب البعثي صدام حسين التكريتي، أما نهاية هذا الصراع فجاءت مع انقلاب 8 شباط فبراير 1963 الدموي الذي أطاح بقاسم و تمت على اثره تصفية آلاف الشيوعيين بطريقة وحشية على يد الحرس القومي و بمباركة من عبد الناصر و ماكينته الإعلامية، فكيف يتهم عبد الناصر بعد كل هذا بالشيوعية و هو كان خصم الشيوعيين الأول في العالم العربي الذي أسال دمائهم و أذاقهم الأمرين في غياهب السجون و المعتقلات. 

أما عن أصل هذه التهمة فقد بدأت كشكل من الحرب الدعائية مع صفقة الأسلحة التشيكية التي أبرمها نظام عبد الناصر لتسليح الجيش المصري، ثم تصاعدت مع بروز التحالف بين مصر الناصرية و روسيا الشيوعية، علمأً أن التحالفات الدولية لا تقوم أبداً على الايديولوجيا، و خير دليل على ذلك أن أقرب الحلفاء العرب لأميركا الليبرالية هي المملكة العربية السعودية ذات نظام الحكم الثيوقراطي و التي لم تكن يوماً ليبرالية بشكل من الأشكال. 

أما عن الخلط بين الشيوعية و بين الاشتراكية التي نادى بها عبد الناصر في الستينات، فهو ناجم عن جهل الغالبية بالفرق بين معنى الشيوعية الأممية و معنى الاشتراكية التي قد تكون وطنية أو قومية أو محلية كما هو مثلأً حال الاشتراكية الوطنية التي نادى بها هتلر عدو الشيوعية الأول.

أما مصدر هذه التهمة فقد جاء بداية من إسرائيل التي أرادت تحريض الغرب و بخاصة أميركا ضد عبد الناصر من خلال التخويف من احتمال قيام نظام شيوعي حليف للسوفييت في المنطقة، و جاء ثانياً من جماعة الإخوان المسلمين الذين وجدوا في الشيوعية و بالتالي الإلحاد وصفة سحرية قد تساعدهم في تأليب الشعب المصري و الشعوب العربية صاحبة العصبية الدينية بطبعها على رئيس كافر و حليف للكفار، و أخيراً تبنى هذا الاتهام أعداء عبد الناصر السعوديين بعد اندلاع حرب اليمن و بروز الخلاف بين مصر و النظام الوهابي الحاكم في المملكة.

و رغم مرور عقود طويلة على رحيل عبد الناصر و رغم كل المغالطات التاريخية و الفكرية التي ينطوي عليها هذا الاتهام، ما يزال خصوم عبد الناصر ينعتونه بالشيوعية التي لم ينتسب لها يوماً، بل كان واحداً من ألد خصومها. 

شاهد أيضاً :

الخميس، 23 مارس 2017

حقيقة صورة الطفل عبد الفتاح السيسي مع جمال عبد الناصر



انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى على بعض المواقع الإخبارية صورة لطفل يؤدي التحية للرئيس جمال عبد الناصر خلال ما يبدو بأنه احتفال شعبي قيل أنها للرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي في طفولته.

وبالعودة لأرشيفنا الخاص وجدنا أن الصورة الأصلية قد التقطت يوم 23 كانون الأول ديسمبر 1958 و نشرت لأول مرة في العدد 334 من مجلة "القوات المسلحة" الصادر بتاريخ 1 كانون الثاني يناير 1959 في إطار تقرير حول الاحتفالات التي نظمت في مدينة بورسعيد و حضرها الرئيس عبد الناصر بمناسبة الذكرى الثانية لاندحار العدوان الثلاثي على مصر، و قد كتب أسفل الصورة "الرئيس جمال يحيي في عطف طفل صغير من أطفال بورسعيد".

بتحليل بسيط للصورة سوف نجد أولاً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي مولود في 19 تشرين الثاني نوفمبر 1954 أي أنه في تاريخ التقاط الصورة كان في الرابعة من عمره و الطفل كما هو واضح في الصورة أكبر سناً من أربع سنوات، ثانياً أن الرئيس السيسي ولد و نشأ في القاهرة في حين أن الطفل صاحب الصورة كما هو مذكور في المجلة من أبناء مدينة بورسعيد، لذلك يبدو من المستبعد جداً أن تكون الصورة فعلأً للرئيس السيسي.


غلاف العدد 334 من مجلة "القوات المسلحة"

عنوان المقال الذي نشرت ضمنه الصورة 

الصورة المنشورة على الصفحة رقم 7 من المجلة المذكورة 


شاهد أيضاً :

الجمعة، 3 مارس 2017

قصص و حكايات حول أشهر أغاني كوكب الشرق



يا ليلة العيد (1939) : 

قدمت أم كلثوم هذه الأغنية لأول مرة في فيلم "دنانير" عام 1939 و هي من كلمات أحمد رامي و ألحان رياض السنباطي، و بعد خمس سنوات و تحديداً عام 1944 كانت أم كلثوم تحيي حفلة بمناسبة العيد على مسرح النادي الأهلي بالقاهرة حين فاجأ الملك فاروق الحاضرين بالانضمام إليهم لسماع الست، توقف الغناء لدقائق وسط هتاف الحاضرين و تصفيقهم قبل أن تعود أم كلثوم لإكمال أغنية "يا ليلة العيد"، لكن الست ارتأت بعد حضور الملك أن تقحم إسمه في كلمات الأغنية فبعد عبارة : ""يا نيلنا ميتك سكر، وزرعك في الغيطان نور" قالت : "يعيش فاروق ويتهنى ونحيي له ليالي العيد" بدلاً من "تعيش يا نيل و تتهنى ونحيي لك ليالي العيد "، هذه البادرة نالت استحسان الملك و رضاه فقرر فوراً أن ينعم على أم كلثوم بوسام ملكي رفيع هو "نيشان الكمال من الدرجة الثالثة" الذي كان حتى ذلك التاريخ حكراً على أميرات أسرة محمد علي.



مصر التي في خاطري (1952) : 

بعد ثورة 23 تموز يوليو تم منع أغاني أم كلثوم من الإذاعة المصرية باعتبار أنها من فناني العهد الملكي البائد و تم عزلها من منصب نقابة الفنانين الذي أسند إلى محمد عبد الوهاب بدلاً منها، هذا الأمر جعل أم كلثوم تفكر باعتزال الغناء نهائياً، ما دفع بالصحفي مصطفى أمين لنقل الأمر لجمال عبد الناصر شخصياً الذي أوعز بإلغاء قرار المنع فوراً و يقال أن عبد الناصر أنب الضابط الذي أصدر قرار المنع قائلاً له : "ما هذا الذي فعلته، كيف تمنعون أغاني أم كلثوم من الإذاعة ؟ هل تريدون أن تثور الناس ضدنا ؟؟"، كما زار عبد الناصر أم كلثوم على رأس وفد من مجلس قيادة الثورة للاعتذار منها و إقناعها بالعدول عن قرار الإعتزال، و بالفعل هذا ما حصل و عادت أم كلثوم و كانت أغنية العودة هي "صوت الوطن" أو "مصر التي في خاطري" التي غنتها لثورة يوليو من كلمات أحمد رامي و ألحان رياض السنباطي.



الهوا غلّاب (1960):

في عام 1960 حصلت مشكلة قضائية بين الشيخ زكريا أحمد من جهة و السيدة أم كلثوم  و الإذاعة المصرية من جهة أخرى، حيث قام زكريا أحمد برفع دعوى قضائية يطالب فيها بحقوقه المادية في الأغاني التي لحنها لأم كلثوم و التي تقوم الإذاعة المصرية ببثها، القاضي المكلف حل النزاع و قد كان من محبي أم كلثوم و زكريا أحمد حث المتخاصمين على الصلح و هذا ما حصل فعلأً حيث تم الاتفاق على أن يقوم زكريا أحمد بتلحين ثلاث أغاني لأم كلثوم مقابل مبلغ سبعمئة جنيه لكل أغنية، و كانت أغنية "الهوا غلاب" من كلمات بيرم التونسي أول هذه الأغاني الثلاثة و آخرها لأن القدر لم يمهل الشيخ زكريا أحمد الوقت الكافي لإتمام الإتفاق حيث رحل عن عالمنا عام 1961.



حيرت قلبي معاك (1961) : 

في عام 1961 قدم أحمد رامي لأم كلثوم كلمات أغنية "حيرت قلبي معاك" التي يعتقد بعض النقاد بأنها تلخص قصة حب رامي لسومة، هذا الحب الأفلاطوني الصامت الذي كتمه صاحبه طويلاً في صدره حتى فاض شوقاً و غراماً، و من بين القصص الطريفة التي تتعلق بهذه الأغنية أن أم كلثوم توقفت عند جملة في الأغنية تقول : "عايزة اشكيلك من نار حبي" حيث طلبت من رامي أن يستبدل كلمة "عايزة" بكلمة "بدي" و قالت لرامي : "عندنا فى البلد عيب إن ست محترمة تقول عايزة !"، و الفعل قام رامي بالتعديل المطلوب و لحن السنباطي الأغنية و قدمتها كوكب الشرق بالشكل الذي نعرفه جميعاً.



انت عمري (1964) : 

إنتظر الجمهور طويلاً اجتماع أم كلثوم و محمد عبد الوهاب في عمل فني واحد، حتى أن الأمر استدعى تدخل عبد الناصر شخصياً الذي تحدث لأم كلثوم و عبد الوهاب بحضور عبد الحكيم عامر خلال أحد أعياد الثورة قائلاً : "ﻟﻥ ﺃﻏﻔﺭ ﻟﻜﻤﺎ ﻋﺩﻡ اشتراككما ﻓﻲ ﻋﻤل ﻓﻨﻲ واحد" فرد الطرفان بالقول أن لا مانع لديهما من التعاون، و هكذا ولد ما أطلقت الصحافة عليه "لقاء السحاب" من خلال أغنية "انت عمري" التي كان الشاعر أحمد شفيق كامل كتبها حتى يغنيها عبد الوهاب نفسه، لكن عبد الوهاب فضل تقديمها للست بعد أن أخفى عنها حقيقة أن الأغنية قد كتبت له أساساً و ذلك لأن أم كلثوم كانت ترفض أن تغني أي أغنية كانت مكتوبة لمطرب آخر، و قد طلبت أم كلثوم إدخال بعض التعديلات على نص الأغنية مثل عبارة "رجعوني عنيك لأيامي اللي راحوا" التي كانت أساساً : "شوقوني عنيك لأيامي اللي راحوا".




الأطلال (1966) :

كتب الشاعر ابراهيم ناجي "ملحمة الأطلال" في صباه و كان خلف القصيدة قصة حب عظيمة عاشها الشاعر و انتهت بافتراقه عن محبوبته التي تزوحت رجلأً سواه، و بعد سنوات طويلة طرق رجل غريب باب إبراهيم ناجي الذي كان طبيباً و طلب منه الذهاب معه إلى منزله لمساعدة زوجته التي تعسرت ولادتها و باتت في وضع صعب، ذهب ناجي مع الرجل و فوجئ بأن الزوجة ما هي إلا حبيبته القديمة، و من هذه الحادثة الغريبة ولدت قصيدة "الأطلال".
كان من المقرر أن تغني أم كلثوم القصيدة مطلع الخمسينات لكن اندلاع ثورة يوليو و ما رافقها من من أحداث ثم رحيل إبراهيم ناجي في العام نفسه أجل المشروع سنوات طويلة، و في عام 1962 قررت أم كلثوم أن تسند مهمة تلحين القصيدة للسنباطي لكنها اختلفت معه حول القفلة عند جملة "لا تقل شئنا فإن الحظ شاء" فهي كانت تريدها حزينة هادئة و السنباطي كان يريدها عالية هادرة، و أدى هذا الخلاف لتأجيل الأغنية أربع سنوات أخرى حتى اقتنعت أم كلثوم بتقديم الأغنية بالشكل الذي ارتآه السنباطي و بالفعل قدمت الأغنية للجمهور و لاقت استحساناً عظيماً جعل أم كلثوم تعتذر باكية للسنباطي مؤكدة له صواب رأيه فيما يخص قفلة الأغنية. 



شاهد أيضاً :


الجمعة، 17 فبراير 2017

(في ذكرى رحيله) بالصور : هيكل "الأستاذ" و رفيق عبد الناصر



عام مضى على رحيل "أستاذ" الصحافة السياسية في مصر و العالم العربي، محمد حسنين هيكل الذي لمع نجمه في سماء الصحافة المصرية في أربعينات القرن الماضي من خلال تغطياته لأحداث الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و أحداث حرب فلسطين عام 1948، أصبح هيكل مقرباً من الرئيس جمال عبد الناصر بعد ثورة يوليو فصاغ له كتاب "فلسفة الثورة" و كتب له معظم خطاباته كما كان مستشاره الإعلامي طيلة سني حكمه و الصوت الإعلامي المسموع للنظام الناصري في الوطن العربي و العالم، و بعد رحيل عبد الناصر المفاجئ و المبكر عام 1970 حاول هيكل أن يلعب الدور ذاته مع خليفته أنور السادات فصاغ التوجيه المعنوي للقوات المسلحة المصرية في حرب تشرين الأول أكتوبر 1973، لكن سياسات الرئيس السادات بعيد الحرب و التي بدأت تحيد بشكل واضح عن نهج عبد الناصر القومي و الإشتراكي جعلت هيكل يبتعد عن السادات و يتجه ابتداءً من عام 1974  للعمل الصحفي المستقل من خلال إصدار الكتب و نشر المقالات في الصحف العربية و العالمية، و قد أدى انتقاده العلني لسياسات السادات لإعتقاله في موجة اعتقالات أيلول سبتمبر الشهيرة عام 1981، قبل أن يفرج عنه بعد اغتيال السادات و وصول الرئيس مبارك إلى الحكم. 
في عهد مبارك حافظ هيكل على مسافة من النظام و بقي رافضاً لشغل أي منصب رسمي، و في أواخر عهد مبارك أعلن صراحة عن رفضه للتوريث و طالب بنقل سلطات الرئيس إلى مجلس رئاسي ما أدى لحملة شديدة اللهجة ضده في الإعلام الرسمي المصري آنذاك، و حين قامت ثورة كانون الثاني يناير 2011 كان من المؤيدين لها و المشيدين بها، كما أيد حركة الجيش في 30 حزيران يونيو 2013 التي أطاحت بحكم الرئيس الإخواني المنتخب محمد مرسي و أوصلت وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إلى الحكم. 
طوال مسيرته الصحفية أصدر هيكل عشرات الكتب باللغتين العربية و الإنكليزية و التي ترجمت لعشرات اللغات ما أمن له دخلاً جيداً خاصة بعد خروجه من صحيفة الأهرام إثر خلافه مع الرئيس السادات، من أبرز تلك الكتب كتابه "مدافع آية الله" حول الثورة الإيرانية، "خريف الغضب" حول عهد الرئيس السادات، و "حرب الخليج أوهام القوة و النصر" حول غزو الكويت و عملية عاصفة الصحراء. 
هيكل ظل حتى أيامه الأخيرة وفياً لذكرى و مبادئ رفيقه الرئيس الراحل الرئيس جمال عبد الناصر، حتى حين اشتدت الحملات الإعلامية ضد عبد الناصر في عهد خليفته أنور السادات و غيّر كثير من الإعلاميين و المثقفين اتجاههم مع تغيّر نظام الحكم ظل هيكل يدافع بصدق عن التجربة الناصرية و أصدر كتابه الشهير "لمصر لا لعبد الناصر" الذي استهجن فيه حملة التجريح الظالمة التي شنت في الإعلام المصري آنذاك ضد الحقبة الناصرية كما حاول فيه تحليل التجربة الناصرية مبيناً حسناتنا و أخطائها من وجهة نظره. 
"أنتيكا" اختارت لكم في الذكرى الأولى لرحيل "الأستاذ" بعض الصور و اللقطات من ألبومه الغني و الحافل بالأحداث و الشخصيات و التجارب : 

 مع البطل أحمد عبد العزيز خلال تغطيته لأحداث حرب فلسطين عام 1948

 مع أم كلثوم و ابن أخيها 

 غلاف كتابه الأول "إيران فوق بركان" الذي صدر عام 1951 عن دار أخبار اليوم 

في يوغوسلافيا مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو عام 1958

مع الرئيس جمال عبد الناصر  

مع الرئيس العراقي عبد السلام عارف في القاهرة عام 1966 

مع الصحفي مصطفى أمين في الطائرة خلال رحلة إلى موسكو في الستينات  

مع أحد أبنائه  

في مكتبه بصحيفة الأهرام عام 1970  

 خلال حرب تشرين الأول أكتوبر 1973 مع وزير الحربية أحمد اسماعيل و رئيس الأركان سعد الدين الشاذلي 

مع قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله الخميني  

 مع الرئيس السوري حافظ الأسد في دمشق 

مع الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ 

شاهد أيضاً :


الخميس، 19 يناير 2017

10 أغاني تروي حكاية الحلم الناصري


لعب الفن دوراً أساسياً في مسيرة الحقبة الناصرية، فقد كان الرئيس عبد الناصر كما يصفه كثيرون ممن كانوا مقربين منه يمتلك تقديراً عالياً للفن و الفنانين و لدورهم في التاريخ و المجتمع و هي صفة لم تتوفر في أغلب من سبقوه و من جاؤوا بعده في حكم مصر، "أنتيكا" سوف تروي لكم في هذا الملف تاريخ الحقبة الناصرية من خلال عشرة من أهم الأغاني الوطنية التي ظهرت في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ مصر و العالم العربي. 

- ولادة الحلم .. التأميم و العدوان و بناء السد : "الله أكبر" و "حكاية شعب"

في عام 1956 أصبح جمال عبد الناصر رسمياً رئيساً و في العام نفسه شهد العالم الحدث الذي رفع عبد الناصر إلى مصاف الزعماء و المناضلين الكبار في العالم العربي و أفريقيا و العالم الثالث ألا و هو تأميم قناة السويس و العدوان الثلاثي الذي خرجت منه مصر منتصرة و قد استعادت القناة التي كان الاستعمار قد سلبها منها لعقود طويلة.

ارتبط نشيد "الله أكبر" من  كلمات الشاعر عبد الله شمس الدين و من ألحان محمود الشريف بفترة العدوان الثلاثي : "الله أكبر فوق كيد المعتدي .. والله للمظلوم خير مؤيد .. أنا باليقين وبالسلاح سأفتدي .. بلدي ونور الحق يسطع في يدي" حيث كانت إذاعة صوت العرب تبثه لحث المصريين على مقاومة العدوان، و في عام 1969 اتخذت ليبيا بعيد ثورة الفاتح من أيلول سبتمبر هذا النشيد نشيداً رسمياً للدولة.



أما أغنية "حكاية شعب" فقد ظهرت في وقت لاحق عام 1960 احتفالاً بوضع حجر الأساس لبناء السد العالي و تخليداً لذكرى تأميم القناة و نضال الشعب المصري في مقاومة عدوان القوى الكبرى عليه، و هي من كلمات أحمد شفيق كامل و ألحان كمال الطويل و غناء عبد الحليم حافظ : "قلنا حنبني و آدي احنا بنينا السد العالي .. يا استعمار بنيناه بايدينا السد العالي".


- مصر و العروبة و جمال : "الوطن الأكبر" و "الجيل الصاعد"

اكتسبت مصر في عهد عبد الناصر بعداً قومياً من خلال رفعها لواء القومية العربية و دعمها حركات التحرر في البلدان العربية التي ما زالت ترزح تحت الاحتلال الأجنبي، أوبريت "الوطن الأكبر" عام 1960 ثم أوبريت "الجيل الصاعد" عام 1961 جسدا هذا البعد القومي سواء من خلال كلماتهما أو من خلال مشاركة فنانين عرب (صباح من لبنان و وردة من الجزائر)، و قد تم تصوير كل منهما تصويراً سينمائياً بالألوان ما ساعد على انتشارهما، و إن كان ورود اسم الرئيس عبد الناصر في أوبريت "الجيل الصاعد" قد أدى لحجبه عن البث لسنوات طويلة بعد رحيله : "ردينا عليك يا جمال وأيدينا فى أيديك يا جمال .. وقلوبنا معاك يا جمال نبني وياك يا جمال .. حيوا معايا قولوا معايا عاش عبد الناصر عاش".



- الاشتراكية و العدالة الاجتماعية : "يا أهلا بالمعارك" ، "مطالب شعب" و "صورة"

في الستينات تبلور بشكل واضح الاتجاه الاشتراكي للنظام الناصري كما اشتدت حدة الصراع مع القوى الرجعية في العالم العربي و بخاصة بعد انخراط الجيش المصري في حرب اليمن. 

عبد الحليم حافظ الذي كان الصوت الرسمي لثورة يوليو اعتاد أن يقدم أغنية وطنية في أعياد الثورة من كل عام، من هذه الأغاني اخترنا "مطالب شعب" التي غناها في أعياد الثورة عام 1962، "يا أهلا بالمعارك" التي غناها عام 1965، و "صورة" عام 1966.

جميع هذه الأغاني كانت من كلمات صلاح جاهين و ألحان كمال الطويل و هي ليست من نوع الأغاني الوطنية الكلاسيكية، فكل واحدة منها بمثابة بيان سياسي و رسالة وطنية مفتوحة للشعب و النظام على حد سواء تشرح المبادئ و تحدد الأهداف و تحشد الهمم في مواجهة المعارك و التحديات القائمة، و قد حجبت كل هذه الأغاني أو اقتطعت مقاطع كاملة منها بعد وفاة عبد الناصر سواء بسبب الرسائل السياسية التي تحتويها و التي لم تعد تناسب الأنظمة التي جاءت بعد عبد الناصر أو سواء بسبب ورود إسم عبد الناصر صراحة في كلمات الأغاني.




- انكسار الحلم : "عدى النهار"

في عام 1967 وقعت النكسة بسبب أخطاء النظام في الداخل و تكالب القوى الدولية الكبرى و الرجعية العربية عليه من الخارج، و كانت الهزيمة صدمة ما بعدها صدمة للجيل الذي آمن بأحلام الحقبة الناصرية في الوحدة العربية و العدالة الاجتماعية و تحرير فلسطين، فجاءت أغاني هذه المرحلة لتحاول أن تصف حقيقة ما حصل و ترسم للشعب طريق الأمل من خلال رفض ثقافة الهزيمة و التأكيد على حتمية الانتصار و ضرورة مواصلة النضال و المقاومة.

ظهرت أغنية "عدى النهار" بعيد النكسة بأيام قليلة، و بصوت عبد الحليم حافظ نفسه الذي غنى لسنوات طويلة للثورة و للحلم الناصري، في هذه الأغنية التي كتب كلماتها عبد الرحمن الأبنودي و لحنها بليغ حمدي و ارتبطت في وجدان الشعب العربي حتى يومنا هذا بنكسة 67 يرسم الفنان صورة شاعرية معبرة للحلم الذي انكسر ذات ليلة غادرة  : " و بلدنا ع الترعة بتغسل شعرها .. جانا نهار ماقدرش يدفع مهرها"، لكنه ينتهي بالتأكيد على استمرارية النضال و المقاومة مهما كانت التحديات : "كل الدروب واخدة بلدنا للنهار" و من هنا اكتسبت الأغنية عنوانها الآخر الذي عرفت به "موال النهار".


 - استمرارية المقاومة و حتمية الانتصار : "المسيح" و "البندقية اتكلمت"

في عام 1967 أطلق الجيش المصري حرب الاستنزاف ضد القوات الاسرائيلية على طول خطوط المواجهة و بدأت مصر في الوقت نفسه مسيرة إصلاح النظام في الداخل و إعادة بناء و تسليح الجيش بمساعدة المعسكر الاشتراكي، فجاءت أغاني هذه المرحلة لتؤكد على ثقافة المقاومة و رفض التسويات و المساومات، من أهم أغاني هذه الفترة أغنية "المسيح" من كلمات عبد الرحمن الأبنودي و ألحان بليغ حمدي و التي تربط بين قصة المسيح و ميسرته في درب الآلام و بين عذاب الشعب الفلسطيني الذي شرده الاحتلال و غياب الضمير العالمي : "تاج الشوك فوق جبينه وفوق كتفه الصليب .. دلوقت ياقدس ابنك زي المسيح غريب". 

من جهتها تؤكد أغنية "البندقية تكلمت" التي كتب كلماتها الشاعر محسن الخياط و لحنها بليغ حمدي على نفس القيم و لكن هذه المرة من خلال التأكيد على النضال المسلح عملاً بمبدأ "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" و الذي ورد على لسان الرئيس عبد الناصر مرات عديدة : "سكت الكلام والبندقية اتكلمت .. والنار وطلقات البارود شدت على ايدين الجنود و اتبسمت".




شاهد أيضاً :

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016

أشهر 10 أفلام منعت من العرض في تاريخ السينما المصرية



أفلام عديدة تعرضت لمقص الرقيب في تاريخ السينما المصرية إما لأسباب دينية أو سياسية أو أخلاقية، منها ما منع من العرض لسنوات و منها ما اضطر صناعها لحذف مشاهد و تعديل أخرى لتتناسب مع مزاج الرقيب و تخرج إلى النور، و منها ما زاد المنع في شهرتها و انتشارها فأصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية، "أنتيكا" تستعرض معكم قائمة بأشهر 10 أفلام مصرية منعت من العرض مرتبة بحسب تاريخ انتاجها.


1. ليلى بنت الصحراء / ليلة البدوية (1937)  : 


من انتاج بهيجة حافظ و بطولتها إلى جانب زكي رستم و حسين رياض و عباس فارس، يتحدث عن فتاة بدوية جميلة تحب ابن عمها لكن ملك الفرس يسمع عن جمالها فيدبر مؤامرة لاختطافها و يحاول اغتصابها قبل أن يأتي ابن عمها لإنقاذها، عرض الفيلم لأول مرة عام 1937 باسم ليلى بنت الصحراء لكن اعتراض الحكومة الإيرانية عليه أدى لمنعه من العرض باعتبار أن الفيلم يسيء إلى كسرى ملك فارس، و لم يعد الفيلم إلى شاشات العرض إلا بعد ست سنوات و ذلك بعد أن اشترطت الرقابة إدخال بعض التعديلات على الفيلم و قد تمت إعادة طرحه في دور السينما بعد تغيير اسمه إلى ليلى البدوية.


2. لاشين (1938) : 



من بطولة حسن عزت و إخراج الألماني فريتز كرامب، يتناول قصة لاشين قائد الجيش المحبوب الذي يقاوم سلطة رئيس الوزراء الفاسد و الملك العابث فيتم تدبير مؤامرة ضده و يودع في السجن لكن الشعب يثور و يقوم بتحريره، تم منع الفيلم لأن الرقابة اعتبرت بأنه يحتوي على إسقاطات سياسية و يسيء إلى الملك فاروق، و لم يتم الإفراج عن الفيلم إلا بعد أن تم تعديل العديد من المشاهد بما فيها مشهد النهاية.


3. السوق السوداء (1945) : 


كتابة و إخراج كامل التلمساني و من بطولة عماد حمدي و عقيلة راتب و زكي رستم، يتناول قضية السوق السوداء التي ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية في مصر و أدت لبروز طبقة أغنياء الحرب على حساب الطبقات الفقيرة و المحتاجة، لم تفرج الرقابة عن الفيلم إلا بعد تعديله و هو ما أدى إلى فشله جماهيرياً آنذاك بحسب مخرجه كامل التلمساني، مع هذا يعتبر فيلم السوق السوداء واحداً من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية كما يعتبر واحداً من أوائل الأفلام الواقعية في فترة الأربعينات.


4. مسار جحا (1952) : 


من انتاج أنور وجدي و بطولة عباس فارس و اسماعيل ياسين و كمال الشناوي، يتناول قصة مملكة خيالية يحكمها سلطان مغلوب على أمره و يسيطر عليها قوات احتلال أجنبية في حين يقوم إمام المسجد جحا بتحريض العامة للثورة ضد المحتلين، منع الفيلم لأنه الرقابة اعتبرت بأنه يشكل اسقاطاً واضحاً على وضع مصر و بأنه يسيء إلى الملك فاروق، و لم يتم الإفراج عن الفيلم إلا بعد تدخل منتجه أنور وجدي لدى الجهات الرقابية.


5. المتمردون (1968) :


 من بطولة شكري سرحان و توفيق الدقن و إخراج توفيق صالح، يتناول قصة طبيب يذهب للعلاج في إحدى المصحات النائية وسط الصحراء، و خلال تواجده هناك يكتشف عمق التفاوت بين مستوى الخدمة التي تقدم للمرضى الأغنياء و تلك التي تقدم للمرضى الفقراء، فيقود تمرداً ضد إدارة المستشفى لكن السلطات تنجح في إخماد التمرد، منع الفيلم من العرض بتهمة الإساءة لسمعة مصر كما رفضت الجهة المنتجة توزيعه.


6. شيء من الخوف (1969) : 



عن قصة ثروت أباظة و من إخراج حسين كمال و بطولة شادية و محمود مرسي، يروي الفيلم قصة قرية تستولي عليها عصابة من اللصوص يقودها عتريس الذي يغرم بإحدى بنات البلد فؤادة لكنها لا تبادله الحب و تقود تمرداً ضد عصابته ينتهى بإحراق السرايا التي يقطنها من قبل أهل البلد، منع الفيلم من العرض و اعتبر بأنه يرمز بشخصية عتريس إلى الرئيس عبد الناصر، استطاع مخرج الفيلم حسين كمال الوصول للرئيس شخصياً و قام بعرض الفيلم عليه في عرض خاص فأمر عبد الناصر بعرض الفيلم فوراً و قال جملته الشهيرة : "إحنا مش عصابة و أنا مش رئيس عصابة و إلا كنا نستاهل الحرق" في إشارة إلى النهاية التي آلت إليها شخصية عتريس في الفيلم.


7. حمام الملاطيلي (1973) : 


من إخراج رائد الواقعية في السينما المصرية صلاح أبو سيف و بطولة شمس البارودي و محمد العربي، يتناول الفيلم قصة علاقة حب بين أحمد الشاب الريفي القادم للقاهرة من أجل الدراسة و العمل و نعيمة الفتاة التي تعمل بالدعارة، تعرض الفيلم للمنع بسبب المشاهد الجنسية التي احتواها و لم يسمح بعرضه إلا بعد اقتطاع عدد من المشاهد، يعتبره النقاد واحداً من أفضل أفلام صلاح أبو سيف حيث صور فيه فساد المجتمع الذي أدى لهزيمة 1967.


8. المذنبون (1975) : 


عن قصة الكاتب العالمي نجيب محفوظ و إخراج سعيد مرزوق و بطولة كوكبة من ألمع نجوم السينما المصرية منهم : سهير رمزي، حسين فهمي، عادل أدهم، عماد حمدي، توفيق الدقن، زبيدة ثروت، كمال الشناوي، يوسف شعبان، صلاح ذو الفقار، و آخرون، تدور قصة الفيلم حول التحقيقات التي تقوم بها المباحث لكشف ملابسات مقتل فنانة مشهورة في شقتها، و خلال التحقيقات تتكشف قصص عديدة تكشف فساد النظام و المجتمع، بعد مشاهدته للفيلم أمر الرئيس السادات بوقف عرضه فوراً بدعوى أنه يسيء لسمعة مصر و أمر بمحاكمة موظفي الرقابة الذين سمحوا بعرضه.


9. خمسة باب (1983) : 


من إخراج نادر جلال و بطولة ناديا الجندي و عادل إمام و فؤاد المهندس، يتناول الفيلم قصة حي للبغاء في القاهرة القديمة و شرطي شريف يحاول مقاومة الفساد و البلطجة داخل الحي قبل أن يقع في غرام إحدى العاهرات، منع الفيلم بعد اسبوع من بدء عرضه بتعليمات من وزير الثقافة و ذلك بعد أن كانت الجهات الرقابية قد أجازت العرض بحجة أن الفيلم خادش للحياء العام، رفع منتج الفيلم قضية استمرت في المحاكم ثمانية سنوات، و بعد أن كسبها كان الفيلم قد أصبح قديماً و لم تقبل دور السينما عرضه فاكتفي ببيعه إلى المحطات التلفزيونية.


10. حلاوة روح (2014) :


من إخراج سامح عبد العزيز و بطولة النجمة اللبنانية هيفاء وهبي، تدور قصة الفيلم حول روح السيدة الجميلة التي تعيش في حي شعبي و تتعرض لتحرشات دائمة من قبل رجال الحي في ظل غياب زوجها المسافر، منع الفيلم من العرض بتعليمات من رئيس الوزراء بسبب خدشه للحياء العام، لكن أعيد إلى دور العرض بموجب قرار قضائي صادر عن محكمة القضاء الإداري و قد تصدر الفيلم بعد عودته شباك التذاكر لأسابيع.

شاهد أيضاً :