‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيد درويش. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيد درويش. إظهار كافة الرسائل

السبت، 9 يناير 2016

حكايات و أسرار من حياة سيد درويش


رغم عمره القصير الذي لم يتجاوز 31 عاماً (1892-1923) يعتبر سيد درويش أبرز الموسيقين العرب على الإطلاق في مطلع القرن العشرين ، حيث يمكن اعتباره بلا منازع باعث النهضة الموسيقية في مصر و العالم العربي ، لكن ما سنتناوله هنا ليس نتاج سيد درويش الفني و الموسيقي ، بل شخصية سيد درويش المحيرة و المثيرة للاهتمام ، و من بين المقالات التي تناولت حياته مقال هام نشرته مجلة "كل شيء و الدنيا" المصرية في الذكرى الثانية عشرة لرحيله عام 1935 تحت عنوان "سيد درويش بوهيمي و زاهد" ، و في المقال يروي محرر المجلة بعض الحوادث التي تلقي الضوء على شخصية الفنان العبقري و مناخاته الفكرية و النفسية ، يقول كاتب المقال مثلاً : ’’من طريف ما يروى أن الشيخ سيد لم يكن من شأنه التواضع و إنكار الذات ، فقد كان يحب أن يرى تمجيد الناس له ، كما كان يحرص على رواية أحاديثهم لكل من يجلس معه مدة أطول من المدة المخصصة للتعرف و السلام و الحديث عن الجو و ما إليه ’’ ، ثم يضيف : ’’ بيد أنه عاد فأنكر عبقريته في اواخر أيام حياته ، و هذا عجيب من رجل مات و هو في ذروة مجده ، فقد قال من رأوه قبيل وفاته أنه ثار على نفسه ، و راح ينكر كل آثاره الموسيقية ، و قد صمم على السفر إلى إيطاليا ليدرس الموسيقى الغربية دراسة تفصيلية جامعة ، ولكن الموت ختم حياته و قضى على كل أمانيه ’’ .

و عن بوهيمية الشيخ سيد درويش يقول الكاتب : ’’ فأما بوهيميته فلم يكن يحدها حد ، فقد كان (فوضى) يندر أن تجد لها مثيلاً في سائر الفنانين ، كان يأكل أي شيء و في أي مكان ، و كان يصوم أياماً فلا يأكل و لا يشرب إلا ما يسد الرمق ’’ ، ثم يضيف الكاتب : ’’ و كنت تراه في كل مكان ثم يختفي فلا يعرف له أحد مستقراً . و قد روي عنه أنه كان مختلياً بنفسه في قهوة على ضفة النيل ليتم تأليف لحن من ألحانه ، بينما كان بيته غاصاً بأصدقائه و معارفه و كانت عروسه تنتظر ليلة الزفاف ’’ .

و عن زهد سيد درويش يقول الكاتب : ’’ كانت هذا الزهد يأتيه على (نوبات) تشبه نوبات الجنون ، و كان تارة يأساً من الحياة و أخرى نفوراً من عالم اللهو و الحياة البوهيمية ، كما كان في أحيان أخرى تشاؤماً و توقعاً للموت القريب . و من أشد ذكريات تشاؤمه إيلاماً ما رواه الأستاذ بديع خيري من أن صديقه الراحل كانت يتوقع الموت في كل حين و قد أهدى إليه ذات يوم صورة له كتب عليها : صديقي إن عفا رسمي و هد الموت بنياني .. فناج الروح و اذكرني نزيل العالم الثاني ، و كان يكتب أمثال هذين البيتين المفعمين بالتشاؤم كلما أهدى إلى صديق صورة له ’’.